لم تحمل هذه المدّة الطويلة تغيّرًا "نوعيًا" في موقف الفريقين من الحوار، مع أنّ "التيار الوطني الحر" حاول بعد ذلك رفع "راية" الحوار، باعتبار أنّ اعتراضه لم يكن على مبدأ الحوار بحدّ ذاته، بل على "الوسيط" في إشارة إلى بري، الذي يُعِدّه باسيل "خصمًا" في السياسة، في حين بقي جعجع على مطلبه "الثابت" بالذهاب إلى جلسات انتخابية مفتوحة بدورات متتالية، رغم أنّه كان ممّن لوّحوا بسلاح "النصاب" في مرحلة من المراحل.
"الوطني الحر" لا يعارض الحوار
تقول أوساط "التيار الوطني الحر" إنّه لم يكن يومًا ضدّ الحوار، بل على العكس من ذلك، لطالما دعا إلى التفاهم بين مختلف الأفرقاء، مشيرة إلى أنّ مشكلته مع "مبادرة" رئيس مجلس النواب نبيه بري سابقًا استندت إلى نقطتين إشكاليّتين، أولاهما أنّ بري دعا إلى الحوار وهو "يصوّب" على الوزير باسيل، ما أفقده "الموضوعية" المطلوبة، وثانيهما أنّ هذا الحوار أريد منه "التصديق" على ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وليس أيّ شيء آخر.
وفي هذا السياق تحديدًا، تأتي دعوة باسيل المتجدّدة إلى "حوارات فعلية وعملانية" كما جاء في بيان الهيئة السياسية في "التيار"، علمًا أنّ أهمّ ما في الدعوة بحسب ما يقول "العونيّون" تختصره عبارة "بإرادة اللبنانيين" الواردة في متن البيان، فالمطلوب إرادة داخلية للحوار والتفاهم، لأنّ اللبنانيين هم من يجب أن يتّفقوا على الحوار، بعيدًا عن "الرهان المفرط" على الخارج، سواء جاء من اللجنة "الخماسية" التي فعّلت حراكها، أو من غيرها.
لا تجد "القوات اللبنانية" في دعوة "التيار" جديدًا يُذكَر، ولو ابتكر "العونيّون" وصف "فعلية وعملانية" لإضفاء بعض "الجدية" على الحوار الذي يدعون إليه، حيث يقول المدافعون عن وجهة نظرها إنّ الحوار بكلّ أشكاله استنفد، واللعب على الكلام لا يفيد في هذه الحالة، علمًا أنّ محاولات أكثر من ابتكارًا جُرّبت سابقًا من دون أن تنفع، كاستبدال عبارة "الحوار" بـ"التشاور" مثلاً، أو حتى "اجتماع العمل" الذي اقترحه الموفد الرئاسي الفرنسي ذات مرّة.
يقول المحسوبون على "القوات" إنّه إذا كان المقصود بالحوار "الفعلي والعملاني" الذي يناشد باسيل الكتل النيابية والسياسية إلى الذهاب إليه، هو الحوار بين الكتل نفسها، فمثل هذا الحوار لم ينقطع يومًا، وهو جارٍ ويجري بين النواب على هامش الجلسات التي تعقد بين الفينة والأخرى، وفي اللقاءات الاجتماعية، لكنّه حوار فشل في تحقيق الحد الأدنى من التفاهم، طالما أنّ الفريق الداعم لترشيح فرنجية يرفض التخلّي عنه، كرمى للحوار أو غيره.